يعتبر وجوده في المؤسسات والشركات مُتعة وسلوى لسائر الموظفين والمستخدمين على الرغم من حدة لسانه وارتباك حركاته وفضوله الذي لا يكف عن طرح الأسئلة . إذا طـُلب من معارفه أن يُلخصوا صفاته بكلمات قليلة أجابوا أنـّه مثال الرجل المرح المتـفائل الذي يعيش ليومه ويُؤمن بحظه لكلّ يوم .
يبدو الموظف المولود في برج القوس إنساناً خجولا ً سطحياً طائشاً ومُعرضاً للعثرات الجسدية والفكرية . ذلك هو ظاهره , أما باطنه الذي يرعاه كوكب " المشتري " فهو على نقيض تام . إذ كيف يكون سطحياً وهو على هذا المقدار من الحدس والمنطق السليم ؟ وكيف يُتهم بالخجل وهو الذي لا يتورع عن انتـقاد زملائه ورؤسائه إذا بدرت منهم الأخطاء ؟ وهل من داع إلى التحدّث عن عثراته في الوقت الذي يسانده فيه الحظ إلى هذا الحدّ ؟ من هو إذاً بالضبط ؟
الموظف الذي ينتمي إلى برج القوس إنسان مندفع يُسرع في العمل ويُـتقنه أكثر من سواه . وهو يفخر بمزاياه دون أدنى ارتباك , ويثق بنفسه كل الثـقة , ولا يكذب ولا يُخادع ولا يحقد , ولكنه يجرح بعدم لباقته ويُـثير الحنق بطرحه العديد من الأسئلة وبمحاولته لفت الانتباه . إنه يكره الجمود , ويهوى السفر والتـنقل , ويرجو من رؤسائه أن يُرسلوه من مدينة إلى أخرى ومن بلد إلى بلد . إن حبه للأسفار يجعله ينجح في دور البائع المتجول وإن كان مُعرضاً لبعض الأخطاء بسبب تسرعه واندفاعه .
يهتم الموظف المنتمي إلى برج القوس بدخله الخاص أكثر من اهتمامه بمستـقبل الشركة التي يعمل لها . لهذا السبب يرفض الوعود مهما كانت مُـغرية , ويتمسك بالتقدير الآني مهما كان تافهاً . حبه للمال لا يعني أنه ينظر إليه كمجرد غاية لا أكثر . إنه في نظره الوسيلة إلى العيش الكريم والمستوى اللائق . وبما أنه كريم بطبعه يكره البخل في الناس بوجه عام وفي رب عمله بوجه خاص . إذا عامله هذا الأخير معاملة الشحيح تركه غير نادم . الأمر الثاني الذي يدفع به إلى ترك العمل دون تردد هو التعرض إلى أخلاقـه واتهامه بالكذب أو قلة الشرف , مع العلم بأنه طيب القلب ينسى الإساءة بسرعة وخصوصاً متى استطاع أن يرُدّ عليها بعنفه وحدة لسانه المعروفين .
إذا شعر رب العمل بحاجة ماسة إلى طرد هذا الموظف في بعض الأحيان من الأفضل أن يكبح جماح غضبه وأن يُعيد النظر فيه بكل صدق وموضوعية . وسوف يكتـشف عندئذٍ أن له من المزايا أضعاف ما له من السيئات . تبقى صراحته التي تـُحتمل . وهذه الصفة بالذات تـتطلب من رئيسه روحاً رياضية ممتازة .