يختلف رجل برج السرطان في مكان الرئاسة عما يتوقعه الآخرون , إذ ليس من الضروري أن يُلازمه في أوقات العمل المرح الذي اشتـُهر عنه . إنه – على العكس – صارم بعض الشيء , يتطلب من العاملين معه الجد في التفكير والتنفيذ وحُسن الهندام والسلوك . شيئان لا يفترقان عنه داخل مكتبه : صورة أمه وصورة عائلته إن كان متزوجاً . أول ما يسترعي الأنظار فيه التيقظ وسرعة الانتباه . قليلون هم الذين يستطيعون مجاراته في هذا المضمار . وليس سريع الانتباه فحسب بل يتمتع أيضاً بذاكرة حادة تـُدوّن كل كبيرة وصغيرة . يستطيع مثلاً أن يذكر عدد المرات التي خرج فيها الموظفون من غرفهم , أو عدد الساعات الإضافية التي قام بها كلٍ بمفرده . وبما أن قوة الذاكرة مقترنة عنده بالاستقامة نجدها تعود على موظفيه بالفائدة لا بالسوء .
غايته الأساسية جمع المال , وحب التجارة يجري في عروقه , فهو يُدرك بالسليقة متى وكيف يُمكنه فرض سلعة ما على الذين يستهلكونها . وليس في ذلك غرابة إذا علمنا أنه مثال الرجل العصامي الذي كوّن نفسه بنفسه مُفضلاً النزول باكراً إلى المعترك العملي . إنه أيضاً مثال الطالب الذي قطع دراسته عمداً أو تابعها وعمل في آن واحد . إن كلمة عصامي لا تعني بالضرورة أنه نشأ من العدم . قد يكون ورث المال والجاه عن أهله , لكنه بدلاً من أن ينام على أكاليل الغار فضل تحقيق ما يصبو إليه بوسائله الخاصة .
انسان برج السرطان – إن كان رئيساً – حساس مرهف قلق الشعور . جرحه في الصميم أمر من السهولة بمكان . إذا تألم انطوى على نفسه مدارياً عذابه بالصمت والعُزلة . لكنه على الرغم من ذلك طيب القلب والسريرة , يمد يد المساعدة إذا اقتضت الحاجة وإن كان إيمانه شديداً بالقول السائر : " ابدأ بنفسك ثم بالآخرين " . في نجاحه الأكيد تعويض من مخاوفه الكثيرة . الحب بالنسبة إليه أمران : العاطفة والمال . هذا الشعور بالذات يقود بعض نساء برج السرطان إلى أعمال الرجال بدلاً من القيام بالدور المفترض فيهن , وهنّ ينجحنّ بكل تأكيد بفضل رقتهنّ الظاهرة وصلابتهن المبطنة .
وسواء أكان رب العمل رجلاً أو أنثى لا شك في أنه يتمتع بحس مُرهف وإدراك شديد وقدرة عجيبة على قراءة الأفكار . أساليب عمله مثيره ومفيدة في آن واحد . يتعلم موظفوه منه في شهر أكثر مما يتعلم الآخرون من غيره في سنة . وقد تكون حُسن المعاملة أفضل ما يأخذه عنه تلامذته . فهو مستقيم – حتى في مجال المنافسة – يكره الاستغلال ويتبع الإنصاف والعدل . من أفضل مزاياه أيضاً الصبر والتيقظ وتحين الفرص . لكنه من ناحية أخرى يبدو كثير التخيلات والأحلام وإن كان معظمها يقوم على أساس متين وواقعي . حبه للمرح واضح , مهارته في سرد النكت لا يُضاهيه فيها أحد . ومع أن ضحكته الشهيرة تخرج من أعماقه وتسري بين الحضور إلا أن أكثر ما يُغيظه محاولة موظفيه تسخير أوقات العمل للتهريج والتنكيت .
إذا اختصرنا شخصية هذا الإنسان في دور الرئاسة قلنا عنه إنه عصامي كريم القلب واليد , عقله دائماً بالمرصاد لكل ما يبدر عنه أو عن سواه .