إذا درسنا عن كثب مولدا كهربائيا يعمل , أو مشعلا ناره متوهجة , أو قنبلة في لحظة الانفجار , أمكننا أن نكوّن فكرة إجمالية عن هذا النوع من الرجال , فهو رجل الإثارة بلا منازع وإن كان خيرا للمرأة التي تنشد الاستقرار أن تبتعد عن دربه . إنه مشتعل العاطفة تارة , بارد كدبّ القطب الشمالي تارة أخرى . إذا وقع في الحب فعلا غاص فيه حتى أذنيه , وإذا تحطّم ذلك الحب بسبب من الأسباب عمل ما في وسعه لجمع أجزائه المبعثرة وصبّها في قالب جديد . أما إذا استحال ذلك أهمل القضية بصورة نهائية وراح يبحث عن مصدر إلهام جديد.
لا تـنقصه الوسائل للتعبير عن حقيقة شعوره . الشرود والتنهدات والشعر . . . كل شيء جائز وممكن , المهم أن يكشف عن نفسه تماما وألا يبقى في منتصف الطريق , فأنصاف الحلول ليست من مبادئه .
الإخلاص رائده , لا يضاهيه في هذا الميدان أحد . وبما أن الصدق مبدأه يبقى مخلصا لمن يحب حتى في التفكير . أهدافه العاطفية تتسم بالنبل والجد متخطية العلاقة العابرة أو إشباع الغرائز . يتطلب من المرأة التي يحبّ مقابل ذلك البقاء عند حسن ظنه وبذل الجهود لإرضائه وجذبه والاحتفاظ به أطول مدة ممكنة , فإذا فشلت تركها وراءه وراح يبحث عن أخرى ترضي مزاجه العاطفي الجيّاش .
أي سلاح ينجح مع هذا الرجل؟ إذا لجأت المرأة معه إلى الغزل الصريح المكشوف هرب بعيدا آلاف الأميال. يهرب أيضا إذا نظرت إلى غيره من الرجال مجرد نظرة عابرة لأن من صفاته الرئيسية الغيرة وحب التملك . ومع أنه يتوقع من حبيبته الإخلاص التام إلاّ أنه يأبى – ولو ظاهريا – مبادلتها بالمثل . فهو مضطر – بحسب اعتقاده – إلى إقامة بعض العلاقات البريئة التي تفرضها مهنته ومكانته الاجتماعية .
هذا الرجل متمرد بطبيعته . يهوى تحدّي السلطة لاعتقاده أنه أذكى وأفصح من أربابها . كثيرا ما تحدث له المشاكل لعدم انصياعه لغيره ولتـفضيله دور السيد لا التابع . لا يُستبعد أن يحاول البعض تلقينه دروسا قاسية في التواضع والامتثال . وبهذه المناسبة يجدر بالمرأة التي يحبها رجل برج الحمل أن تقف دائما إلى جانبه ضد أعدائه وأن تحب من يحب وتكره من يكره . هذا إذا أرادت حقا الاحتفاظ به أطول مدة ممكنة .
قلنا من قبل أن مولود الحمل يجهل الكذب والتحايل ويتبع الأسلوب المباشر في جميع تحركاته وتصرفاته . في ميدان الحب مثلا يستحيل عليه التمثيل إذا هدأت عاطفته , لأن كل شيء فيه يُشير عندئذ إلى حقيقة شعوره : يظهر في صوته ونظراته البرود , ويغلفه الضجر وقلة الصبر . لكنه نبيل على الرغم من كل شيء . إذا حصل بينه وبين الحبيبة سوء تفاهم بادر إلى الاعتذار ولو كان الحق بجانبه . وفي الأوقات العادية يشبعها مديحا وثناء ويلازم سريرها في أوقات المرض ولا يتردد في الإنفاق عليها بسخاء بالغ . إنه يتمناها أنثى بكل ما في الكلمة من معان , وفي الوقت نفسه يُنمّي فيها روح الاستقلال والفردية , شرط ألاّ تتخطى حدودها وتتبوأ مكان الصدارة الذي هو من حقه وحده . وإن كان لا يعني تماما ما يقول . ولما كانت العواصف تمر عليه بسرعة مذهلة دون أن تترك أثرا يتوقع من حبيبته النسيان والمغفرة مهما بلغت درجة الأسى الذي سبّبه لها . إذا أمام مولود برج الحمل احتمالان لا غير : إمّـا أن يسود أو أن يترك البيت من غير عودة . وعلى زوجته بدورها ألاّ تكون سلبية أو خجولة أكثر من اللازم .
سخاء هذا الرجل لا يُضاهى . فهو لا يبخل على حبيبته بشيء مهما قلّت سبل العمل والمورد . خير لها إذا أن تمد يد المساعدة بدورها فتدخر ولو القليل لتفاجئه به عند الحاجة . وما أكثر أوقات الحاجة عند رجل برج الحمل . يكفي برهانا على ذلك إيمانه بالمثل القائل : " اصرف ما في الجيب يأتك ما في الغيب " .
الرجل الحمل , كأب , عطوف محب يحدب على أولاده ويرعاهم ويؤمن لهم جميع فرص اللهو واللعب . يتجاذب معهم الأحاديث ويشاركهم الهوايات والرياضة والنزهات وغير ذلك . كثيرا ما يدعوهم إلى وجبة غداء أو عشاء في أفضل الأماكن العامة . والغريب أنه على الرغم من هذه العاطفة يكره أن تهمله زوجته في سبيلهم .
في استطاعة زوجته العمل خارج البيت . لا مانع لديه شرط أن تبقى محتفظة بأنوثتها وعذوبتها وتبعيتها له . أما استقلاله هو فأمر مقدس لا يحق لها مناقشته من قريب أو بعيد . غير أنها – إن كانت على شيء من الذكاء والفطنة – تستطيع التدخل في شؤونه في الوقت الملائم , وبالتالي أن توجهه بأسلوب لبق يشعره بأنه لا يزال السيد المطاع .
حالما يكتشف إنسان برج الحمل أنه فقد سيادته وسيطرته , سواء أكان ذلك في البيت أو في العمل , ينطوي على نفسه ويصبح عديم التفاؤل والحيوية . إنه لا ريب عنوان الرجولة الصحيحة , ويستحق نوعا مميزا من النساء . امرأته المفضلة تقف بين تلك التي لا تعرف من دنياها سوى النوادي والجمعيات وتلك التي تكتفي بحياكة الصوف في إحدى زوايا البيت . متى وجد ضالته المنشودة تحوّل إلى سيد المتيمين وجعل من حبيبته أسعد النساء قاطبة .